للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الذَّنْب؛ لأنَّ المعنى المُشْتَقَّ منه يأبى ذلك، فالمَغْفِرَة مُشْتَقَّة من المِغْفَر، والمِغْفَر شيء يُوضَعُ على الرأس يقيه من سهامِ الأعداء؛ ففي هذا المِغْفَر سترٌ ووقاية؛ ولهذا نقول في معنى {الْغَفَّارُ} هو غافِرُ الذَّنْب؛ أي: الذي يستر الذَّنْب ويتجاوَزُ عنه.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: إثباتُ خَلْقِ السَّموات والأَرْض.

وهذه الفائِدَةُ يترتَّبُ عليها: الرَّدُّ على الطبائعِيِّينَ والفلاسِفَة الذين يقولون بقِدَمِ العالَم، وأنَّ العالَم أزلي، وأن هذه السَّمواتِ ليس لها أوَّل، بل هي موجودة في الأَزَل، فإنَّ هذه الآية تردُّ عليهم؛ لأنَّه تعالى يقول: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} أي أَوْجَدَها بعد العَدَمِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ السَّمواتِ عَدَدٌ؛ وجهه: الجَمْع؛ لأنَّ الجمع يدلُّ على العَدَد، وقد بيَّنَتِ النُّصوصُ الأخرى أنها سبْعٌ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ خَلْق السَّموات والأرض بالحَقِّ، وضِدُّه الباطل، فلم تُخْلَق باطلًا وسُدًى ولَعِبًا.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الخالِقَ للسَّموات والأرض هو الله؛ لقوله: {بِالْحَقِّ} على أَحَد المعنيين اللذينِ أَشَرْنا إليهما.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات كُرَوِيَّة الأَرْضِ؛ لقوله: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} ومعلومٌ أنَّ اللَّيلَ والنَّهار يتعاقبانِ على الأرض، فإذا كان سَيْرُهما تكويرًا دلَّ على أنَّ الأرض كُرَوِيَّة.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثباتُ قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ بتكويرِ اللَّيلِ والنَّهارِ، وقد أشار الله

<<  <   >  >>