للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يَتَّعِظون] و (لعَلَّ) هنا للتَّعليل وهو أحَد معانيها، ومن مَعانيها التَّرجِّي مثل: لعَلَّ الحبيبَ قادِمٌ، ومن مَعانيها الإِشْفاق مثل: لعلَّ الحبيبَ هالِكٌ، ففي الأوَّل: لعَلَّ الحَبيب قادِم، رجاءٌ، وفي الثاني إِشْفاق يَعنِي: أَخشَى أن يَكون هالِكًا، وتَأتي للتَّعليل كما في هذه الآيةِ، وكما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣]، وقوله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} قد تَكون هذه للتَّوقُّع، وقوله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٣] للتَّوقُّع أيضًا، وهي في القرآن كثير، وقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: ٣٦] للتَّرجِّي، ويُحتَمَل أن تَكون للتَّعليل، وإنَّما هو كثير في القُرآن.

وإنما بيَّنته لئَلَّا يَظُنَّ بعض الناس أنها للتَّرجِّي في كل مَكان فيقول: كيف يَترجَّى الله عَزَّ وَجَلَّ الشيءَ وهو قادِر على كل شيء؟ نَقول: (لعَلَّ) إذا جاءَت في كلام الله تعالى فهي للتَّعليل.

وقوله المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: {يَتَذَكَّرُونَ} يَعنِي: [يَتَّعِظون]؛ لأن هذا هو الغرَض من ضَرْب الأمثال.

[من فوائد الآيات الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أن كلَّ مثَل في القرآن فإن فيه دَليلًا على إثبات القِياس.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه ليس كلُّ حقٍّ يَترُكه الإنسان ثِقةً بالله تعالى يوم القِيامة يَصير عنده؛ لأنه إن كان تَرَكه للاختِصام عند الله تعالى فهذا لم يَترُكْه، لكن إن ترَكَه للثواب عند الله تعالى فقد ترَكَه، وهذا إن ترَكَه للاختِصام عند الله تعالى يوم القيامة وعفا عنه في هذه الحالِ؛ لأنه إذا طالَب به في الدنيا وأخَذ حقَّه سلِمَت حَسَناته من هذا

<<  <   >  >>