للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٣)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [الزمر: ٢٣].

قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ} جُملة خبَرية اسمِيَّة الصَّدْر، فِعْلية العَجُز {نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا}، و {نَزَّلَ} من الفِعْل المُضعَّف ويَأتي التَّعبير أحيانًا بـ (أَنزَل) من الرُّباعيِّ المَزيد بالهَمْزة، واختَلَف العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: هل هُما بمَعنًى واحِد أو لا؟ والصحيحُ: أن مَعناهما واحِد إلَّا مع وجود قرينة، فمعَ وجود القرينة يَكون التَّنزيل لما يَنزِل شيئًا فشيئًا، والإِنْزال لِما يَنزِل جُملةً واحِدة، لكن هذا لا يَكون إلَّا مع القرينة، أمَّا مع عدَم القَرينة فأَنزَل ونَزَّل المُضعَّف بمَعنًى واحِدٍ؛ ولهذا يَقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]، ويَقول: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: ٩]، وهُما بمَعنًى واحِد.

وكذلك في القُرآن؛ فمرَّة يَقول الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا}، وأُخرى يَقول: {وَنَزَّلْنَا} وهُما بمَعنًى واحِد، لكن مع وجود القَرينة يَكون التَّنزيل شيئًا فشيئًا، كما في قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: ١٠٦].

فهُنا (نَزَّلنا) تَختَلِف عن (أَنزَلنا) فهي بمَعنَى: التَّنزيل شيئًا فشيئًا، بدليل قوله

<<  <   >  >>