قوله تعالى:{قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: {قَدْ قَالَهَا} الضمير يَعود على قوله تعالى: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} لكن قد قالها الذين من قَبْلهم مثل قارونَ كما قال الله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} ثُمَّ قال الله تعالى بعدها: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا}.
قوله تعالى:{قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: (ما) هذه نافِية و {أَغْنَى} بمَعنَى: دفَع، أي: ما دفَع عنهم ما كانوا يَكسِبون، أي: لم يُغنِ عنهم ما كسَبوا شيئًا من عَذاب الله، وهكذا النِّعَم لا تُغنِي مَن افتَخَر بها وغفَل بها عن طاعة الله شيئًا، ألم تَرْوا إلى عاد استَكْبَروا في الأرض {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}[فصلت: ١٥]؛ لأن الله تعالى أَعطاهم قوَّة عظيمة، فقال الله تعالى ردًّا على طُغيانهم: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} وتَأمَّلوا كيف عُذِّب هؤلاء! بالرِّيح وهي أَلطَف شيء فعُذبِّوا بها انتِقامًا منهم حين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} يَعنِي: لم يَهلِكوا بالصواعِق ولا بالحاصِب من السماء، وإنما أُهلِكوا بهذه الريحِ اللَّطيفة حتى إنهم لمَّا رأَوْا ما جاءت