قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا} لما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}[الزمر: ٢٧]، فبيَّن الله عَزَّ وَجَلَّ هذا المَثَلَ العَظيم، فقال تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} أي: مُتَنازِعون مُختَلِفون كل واحِدٍ منهم يَقول: أنا صاحِبه، أنا الذي أُريد أن أَستَخْدِمه. وما أَشبَه ذلك، فهُم دائِمًا في نِزاع وفي خُصومة؛ لأن كل واحدٍ منهم يُريد أن يَنفَرِد به عن الآخَر.
والرجُل الثاني:{وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ}: {سَلَمًا} أي: سالِمًا لهذا الرجُلِ لا يَشرَكه فيه أحَدٌ.
فإن قال قائِل: بِمَ عرَفْتم أن {سَلَمًا} بمَعنَى: سالِمًا من الشُّرَكاء؟
قُلنا: عرَفْنا ذلك بذِكْر المُقابِل، وهو قوله تعالى:{فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ}؛ لأن الكلِمة تُعرَف بالسِّياق وبذِكْر المُقابِل، ومن أَبرَز مِثالٍ على ذلك قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}[النساء: ٧١].