يقول عَزَّ وَجَلَّ:{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} في الآية الأُولى قال: {أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} في الأَوَّل يفعل هو يَعْبُد الله مخلصًا له الدِّين، وفي الثاني أُمِرَ أن يُعْلِنَ للمَلَأِ أنه مُخْلِصٌ، وإعلانه أنه مُخْلِصٌ؛ يعني أنه متبَرِّئٌ من شِرْكِهم.
وقوله:{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ} إعرابُ اسم الجلالة: مفعولٌ به لـ {أَعْبُدُ} قُدِّم المفعول به للحَصْر؛ يعني لا أعبد غَيْرَه، ونظيره من حيث التَّرْكيبُ قولُه تعالى: في سورة الفاتحة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}[الفاتحة: ٥] ثم أكد هذا أيضًا بقوله: {مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} يعني: لا أعبد غَيْرَ الله، وفي عبادتي له أيضًا أَكونُ مُخْلِصًا له لا يَشوبُ عبادتي إياه شَيءٌ من الشِّرْك.
وقوله:{دِينِي} يعني: عَمَلي، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[من الشِّرْك].
وإذا جَمَعْت بين الآيتين: الآية الأولى: وهي قوله: {إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} والثانية هنا؛ عَرَفْتَ شِدَّة امتثال الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لرَبِّه، وأنه عَبَدَ الله مُخْلِصًا له الدِّين، وأَعْلَنَ ذلك للمَلَأِ غيرَ مُبالٍ بمخالَفَتِهِم.
قوله تعالى:{فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}: {فَاعْبُدُوا} هذا يُحْتَمل أن يكون تهديدًا،