وقوله تعالى:{فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: بمعنَى بَيِّن، والأحسَن أن تَكون للظَّرْفية، وما أَحسَنَها في هذا المَوضِعِ إشارةً إلى أن الضَّلال قد أَحاط بهم من كل جانِب كما تُحيط الحُجْرة بساكِنها، وإذا كان الضَّلال قد أَحاط بهم من كل جانِب، فإنه لا يُرجَى لهم خَيْر - والعِياذُ بالله تعالى -؛ لأنهم في ضَلالٍ مُبين.
وعندما تُقابِل قوله تعالى:{أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} بقوله تعالى: {فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} يَتبَيَّن لك أن النور في الآية: نور العِلْم ونور الإيمان وضِدُّ العِلْم الضَّلال.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: نَفيُ التَّساوِي بين الفَريقين، بين مَن شَرَح الله تعالى صدره للإسلام ومَن لم يَشرَح؛ لأن الاستِفهام هنا بمَعنَى النَّفيِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الهِداية بيَدِ الله تعالى؛ لقوله تعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ}.
ويَتفرَّع على هذه الفائِدةِ: أنه متى عَلِم الإنسان أن الهِداية بيَدِ الله تعالى، فإنه لا يَلتَفِت في طلَب الهِداية إلَّا إلى الله تعالى، وإذا عَلِم أن الهِداية بيَدِ الله تعالى فلا يُعجَب بنَفْسه إذا اهتَدى، بل يَقول لنَفْسه: لولا أن الله تعالى هَداه لكان ضالًّا. فلا يَقول: إنما أُوتيتُه على عِلْمٍ عندي. أو يَقول: هذا لي. بل يَعتَرِف بفَضْل الله تعالى عليه، وأنه لولا هِداية الله تعالى ما انتَفَع إلى يوم الدِّين.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن قوله تعالى: {لِلْإِسْلَامِ} أي: لقَبوله والتِزامه، والإسلام له مَعنَيان: الأوَّل: عامٌّ، والثاني: خاصٌّ؛ فالعامُّ يَشمَل كلَّ مَنِ استَسلَم لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بطاعته حين كان الشَّرْع قائِمًا، وعلى هذا فاليَهود في زمَن موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسلِمون،