لمَّا ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِقاب الذين كذَبوا على الله تعالى بيَّن ثواب الذين اتَّقَوُا الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا دأَبُ القرآن الكريم أنه إذا ذكَر الشيء ذكَر مُقابِله، وهو من مَعنَى قوله تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}[الزمر: ٢٣].
قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ:{مَثَانِيَ} أي: تُثنَّى فيه المَعاني، فإذا جاء وَصْف المُؤمِنين جاء وَصْف الكافِرين، وإذا جاء ثواب المُؤمِنين جاء ثواب الكافِرين، وكذلك بالعكس، وذلك من أَجْل أن لا يَستَغرِق الإنسان في جانب الرجاء إذا ذَكَرَ وَصْف المُؤمِنين وثوابهم، وكذلك لا يَيْأَس إذا ذكَر وَصْف الكافِرين وعِقابهم.
وهنا يَقول الله عَزَّ وَجَلَّ:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ}: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا} من عِقاب الكافِرين، فلا تَكون وجوهُهم مُسوَدَّةً، ولا تَكون مَثواهم جَهنَّمَ، وقد بيَّن الله عَزَّ وَجَلَّ في آيات أخرى أن يوم القِيامة {تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}[آل عمران: ١٠٦]، فتَسوَدُّ وجوهُ الكافِرين، وتَبيَضُّ وجوه المُؤمِنين، فيُنجِّي الله تعالى الذين اتَّقَوْا من عِقاب الكافِرين في هذا وفي هذا.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَيُنَجِّي اللَّهُ} من جَهنَّمَ] صحيح، لكن لو قال: من