الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَحريم الكذِب على الله تعالى، ويُؤخَذ ذلك من العُقوبة، فالتَّحريم لا يُستَفاد من صيغة فقَطْ، بل يُستَفاد التحريم من صيغة النَّهيِ، والقَتْل لفاعِله، وبيان عُقوبة فاعِله، وما أَشبَه ذلك، المُهِمُّ أن وسائل العِلْم بالتَّحريم مُتعدِّدة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: التحذير من الفُتيا بلا عِلْم؛ لأن مَن يُفتِي بلا عِلْم فقد قال على الله تعالى ما لا يَعلَم، وقد بيَّن تَحريم ذلك في قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٣].
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الكاذِبين على الله تعالى مَقرُّهم النار؛ لقوله تعالى:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: تحريم التَّكبُّر؛ لقوله تعالى:{لِلْمُتَكَبِّرِينَ} تَكبُّرٌ عن الحقِّ، تَكبُّرٌ على الخَلْق، ويَدُلُّ لهذا التنويعِ أن النبيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قال:"الْكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ"(١). فقوله:"بَطَرُ الحَقِّ" تَكبُّر عن الحَقِّ، و"غَمْطُ النَّاسِ" تَكبُّر على الخَلْق، وأَعظَمُهما الأوَّل، وهو التَّكبُّر عن الحقِّ؛ لأن الثانيَ داخِلٌ فيه، فإن التَّكبُّر على الخَلْق تَكبُّر عن الحقِّ، إذ إن الحقَّ يَأمُرك أن تَكون مُتواضِعًا للحقِّ وللخَلْق.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: التَّحذير من التَّكبُّر، وأن عُقوبة المُتكبِّرين دُخول النار، بل إذا كان التَّكبُّر تَكبُّرًا مُطلَقًا فإن عُقوبته السُّكنَى في النار والخلود في النار، أمَّا مَن تَكبَّر مُطلَق تَكبُّر فهذا لا يُحكَم له بالخُلود في النار؛ لأنه قد يَتكبَّر عن بعض الحَقِّ، أو يَتكبَّر على الخَلْق فلا يَستَحِقُّ الخُلود.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، رقم (٩١)، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -.