وعلى كلِّ حال: فسواء كانت للمبالَغَة أو للنِّسْبَة فالمراد بها: الكَفُور بالله عَزَّ وَجَلَّ.
وقال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[بعبادَتِه غَيْرَ الله] ولا شكَّ أن هذا كُفْر؛ عبادَةُ غَيْرِ الله، وتخصيصُ الكفر هنا بعبادة غير الله يؤيِّدُه السِّياق، وهو قوله فيما سبق:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ}.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الله لا يقبل إلا دينًا خالصًا؛ لقوله تعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} أمأ ما سواه فليس لله حتى وإن أشْرَكْتَ به مع الله؛ لأنَّ الدين لله هو الخالِصُ النَّقِيُّ من شوائب الشِّرْك.
فإن قال قائل: إذا كان العمَلُ خالصًا في أوَّلِه مُشْرَكًا فيه في آخره، فهل يَبْطُل العَمَلُ كلُّه، أو يَبْطُل ما فيه الشِّرْكُ؟
فالجواب: في هذا تفصيلٌ؛ إذا كانت العبادة التي وقع الشِّرْك في أثنائها ينبني بعضُها على بعض فإنَّها تَبْطُل؛ مثل الصَّلاة؛ فرَجُلٌ أَحْرَم بالصلاة مُخْلِصًا لله وفي أثنائها سَمِعَ حوله أحدًا فراءى في ذلك في صلاتِهِ في أثناء العبادَةِ، فنقول: الصلاة تَبْطُلُ كُلُّها؛ لأنَّ أَوَّلَها وآخِرَها مبنيٌّ بَعْضُه على بعضٍ.
أما إذا كانت لا ينبني بَعْضُها على بعضٍ فإنَّ ما كان خالصًا يَصِحُّ، وما كان مَشُوبًا لا يَصِحُّ؛ فمثل رجل كان يتصدَّقُ، عنده ألف ريال، فكلما جاء فقيرٌ أعطاه منها؛ أنفق خَمْسَ مئة ريال خالصة لله، وفي أثناء الإنفاق حضَرَ أناسٌ فراءاهم، فهل تَبْطُلُ الصَّدَقة الأولى التي بها الإخلاصُ؟