الْفَائِدَة الأُولَى: تَقرير هؤلاء بأن كل شيء من عِند الله تعالى؛ بَسْط الرِّزْق، وتَضييقُه من عند الله تعالى، وهم يَعلَمون ذلك؛ لقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} فإن مثل هذا التَّركيبَ يُفيد التَّقرير.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات المَشيئة لله تعالى؛ لقوله تعالى:{لِمَنْ يَشَاءُ} وليُعلَم أن كل شيء علَّقه الله تعالى بالمَشيئة فإنه مَقرونٌ بالحِكْمة. أي أنه ليسَتْ مَشيئة الله تعالى مَشيئةً مُجرَّدة هكذا، تَأتي عفوًا، بل هي مَشيئة مَقرونة بالحِكْمة، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان: ٣٠]، فلمَّا بيَّن أن مَشيئتهم بمَشيئة الله تعالى بيَّن أن ذلك مَبنيٌّ على عِلْمٍ وحِكْمة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الرِّزْق لا يَحصُل بالحِذْق، وإنما هو من عند الله تعالى:{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}، فإذا قُلْنا بهذه الفائِدةِ أَشكَل علينا: هل مَعنَى ذلك أن نُبطِل الأسباب؟
والجوابُ: لا، بل نَفعَل أسباب بَسْط الرِّزْق لنَتَحاشَى تَضييقه، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}[الملك: ١٥]، فأمَر أن نَمشِيَ في مَناكِبها وأن نَأكُل من رِزْقه؛ لأننا إذا مَشَيْنا في المَناكِب وسَعَيْنا في أسباب الرِّزق حصَلَ فأَكَلْنا من الرِّزْق.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: تَمام مُلْك الله تعالى وسُلطانه؛ لقوله تعالى:{يَبْسُطُ}{وَيَقْدِرُ} وهذا يَدُلُّ على تَمام المُلْك والسُّلْطان، وأنه لا مُعارِضَ له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.