يَقول رَحِمَهُ اللهُ: [{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ} نزل {بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أيِ: العَذاب]، يَعنِي: حاق بهم العَذاب، أي نزَل بهم وبدَتْ لهم سَيِّئاتهم وعرَفوها، وكانوا يَقولون: يا لَيْتَنا نُردُّ ولا نُكذِّب بآيات ربِّنا ونَكون من المُؤمِنين. قال تعالى:{بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}[الأنعام: ٢٨].
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{وَحَاقَ بِهِمْ} نزَل بهم {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}] أي: ما كانوا يَستَهزِئون به في الدُّنيا، أمَّا في الآخِرة فإنهم يَقولون:{قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}[الأعراف: ٥٣]، إلَّا أنه في ذلك الوقتِ لا يَنفَعهم، فقَدْ كانوا في الدنيا يَستَهْزِئون ويَسخَرون من الرُّسُل، ويَسخَرون من الذين آمَنوا، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين: ٢٩ - ٣٢].
سُبحانَ الله! هذه الآياتُ تَنطَبِق تمامًا على وَقْتنا كما انطَبَقَت على ما قبلُ، وهي قوله تعالى:{كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ}، وهذا هو الواقِع، فتَجِد هؤلاء الفَسَقةَ