مثل هذا الكَلامِ لو سمِعه الناس آمَنوا، فهو في الحقيقة داعِية للإسلام لكنه غير مُسلِمٍ، نَسأَل اللهَ تعالى العافِيةَ!.
إِذَنِ: التَّخفيفُ عنه لا من أَجْل أنه عمُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن لأَجْل أنه دافَع عن الإسلام وحمَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حِمايةً تامَّة، وأَعاله أيضًا فإنه بَعْد موت جدِّه عبد المُطَّلِب كان عند عَمِّه أبي طالِب، وهذا معروف، فمِن عدْل الله - عَزَّ وَجَلَّ - أن الله شكَرَ هذا العَمَلَ وخفَّف عنه بشفاعة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى صار "فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ يَغلي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ"، أَعاذَني الله تعالى وإيَّاكم من النار.
وقوله تعالى:{أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: والمعنى: لا تَقدِر على هِدايته فتُنقِذه من النار وصدَق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فالإنسان لا يُمكِن أن يُنقِذ أحَدًا من النار أبَدًا، فإذا كان نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَقدِر على ذلك فمَن دُونَه من بابِ أَوْلى.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أن مَن حَقَّت عليه كلِمة العَذاب فلا هادِيَ له، ويَشهَد لهذا قوله تعالى:{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأعراف: ١٨٦].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات كلام الله تعالى؛ لأن الذي يَقضِي بالعَذاب هو الله عَزَّ وَجَلَّ لا غيره، فكلِمة (العَذاب) صادِرة من الله تعالى، وفي هذا إثبات الكلام لله عَزَّ وَجَلَّ،
(١) انظر: تهذيب اللغة (١٠/ ١١١)، وخزانة الأدب (٢/ ٧٦)، وديوان أبي طالب (ص ٨٧، ١٨٩).