للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} أي: ظهَر لهم من عند الله عَزَّ وَجَلَّ {مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} أي: ما لم يَكُن في حُسبانهم ولا خطَر على بالهم أنهم يَجِدون هذا العذابَ، فظَنُّوا أن الأمر هيِّن، وظنُّوا أن الأصنام تَشفَع لهم، وظنُّوا ظُنونًا كثيرة، ولكن لم تَنفَعْهم هذه الظُّنونُ، وظهَر لهم شيء لم يَحتَسِبوه أبدًا {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.

فقوله: (بدا لهم) أي: ظهَر لهم، و {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} أي: سُوء ما كسَبوا من الأعمال، وهم لم يَكسِبوا إلَّا الشَّرَّ، وقد قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ} ظهَر {لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} يَظُنُّون]، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ الشيءُ الواضِح لا يُفسِّره، ويُقال: بدَا. ويُقال: بدَأَ، وبينهما فَرْق، فبَدَا بمَعنَى: ظهَر، وبدَأَ بمَعنَى: ابتَدَأ، ويُقال في الأوَّل في المَصدَر: بُدُوًّا. وفي الثاني: بَدْءًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أن الظالِمين لو بذَلوا كلَّ ما فى الأرض؛ ليَفتَدوا به لم يَنفَعْهم، وهذا يُؤخَذ من قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن جميع ما في الدنيا يَرخَص عند العذاب حين يُشاهِده الظالِم؛ لقوله تعالى: {لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: التَّحذير من الظُّلْم؛ لأن ذِكْر هذا يَعنِي: التحذير منه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثبات القِيامة والبَعْث؛ لقوله تعالى: {لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.

<<  <   >  >>