المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ ولم يُبَيِّنها، ولكن بيَّنَّا نحن في التَّفسير أنها تَحتَمِل الظُّلْم الأكبَر وهو الشِّرْك، والأَصغَر وهو ما دونَه، ولكن يَظهَر - والله تعالى أَعلَمُ - أن المُراد بها الأكبَرُ.
وقوله تعالى:{لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: دفَعوه فِداءً يَفْدون به أَنفُسهم من عذاب الله عَزَّ وَجَلَّ، وَيكون هذا يوم القِيامة، وفيه يَتمَنَّى هؤلاء أن يَكون لهم ما في الأرض جميعًا ومِثله معه؛ ليَدفَعوا عنهم العذاب، ولكن لا يَحصُل، وقد طُلِب منهم في الدنيا ما هو أَهوَنُ من ذلك، طُلِب منهم أن يَعبُدوا الله تعالى وحدَه لا شريكَ له، وأن يَقوموا بشريعته، وهو سَهْل، لكنهم - والعِياذُ بالله - استَكْبَروا، فقوله تعالى:{لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: من العَذاب السيِّئ الذي ليس له نَظيرٌ في الدنيا، ولا يُمكِن أن يَضبِطه الذِّهْن بتَخيُّل؛ لأنهم كما أن في الجَنَّة ما لا عَيْنٌ رأَتْ ولا أذُنٌ سمِعَت ولا خطَر بقَلْب بشَر من النعيم، فكذلك ما في النار من العَذاب.
وقوله تعالى:{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} هو اليوم الذي يُبعَث فيه الناس، وسُمِّيَ: يومَ القيامة لأُمورٍ ثلاثة:
أوَّلًا: لأن الناس يَقومون فيه لربِّ العالمِين كما قال تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين: ٦].
والثاني: أنه يُقام فيه العَدْل كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}[الأنبياء: ٤٧].
والثالِث: لأنه يَقوم فيه الأَشْهاد، كما قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١].