للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشياء التي تُعتَبَر حَسَناتٍ حتى نَعمَلها، وتُعتَبَر سَيِّئاتٍ حتى نَتَجنَّبها، وحينئذٍ يَكون رُجوعنا إليه عَزَّ وَجَلَّ رُجوعًا عن بَصيرة لا حُجَّةَ لنا في مُخالَفته.

فقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} أي: هو مُختَصٌّ بها] أخَذَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ [هو مُختَصٌّ بها] من الحَصْر وهو تَقديم الخبَر [وهو مُختَصٌّ بها فلا يَشفَع أحَدٌ إلَّا بإِذْنه]، وهذا أحَدُ شَرْطَيِ الشفاعة. والثاني: رِضا الله تعالى عن الشافِع ورِضاه عن المَشفوع، قال تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، وقد ذكَر عُموم مِلْكه وانفِراده بالمِلْك بعد ذِكْر الشفاعة؛ لأن الشَّفاعة من المِلْك في الواقِع، فهي داخِلة في عُموم مِلْك الله تعالى للسمَوات والأرض {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ولم يُفسِّرها لوُضوحها.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: إثبات الشفاعة؛ لقوله تعالى: {لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}، ووجهُ إثباتها: أنه لولا وُجودها ما صَحَّ أن يَقول تعالى: {لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الردُّ على المُعتَزِلة والخوارِج؛ لأن المُعتَزِلة والخوارِج يُنكِرون الشفاعة في أهل الكَبائِر - سواءٌ دخَلوا النار أم لم يَدخُلوها -، وذلك لأن أهل الكَبائر عند المُعتَزِلة والخوارِج مُخلَّدون في النار، لكنهم عند الخَوارِج كُفَّار، وعِند المُعتزِلة لا مُؤمِنون ولا كافِرون، بل في مَنزِلةٍ بين مَنزِلتين.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات شَفاعات مُتعدِّدة؛ لقوله تعالى: {جَمِيعًا}؛ لأن (جَميعًا) تَقتَضي أن يَكون هناك شيء مَجموع.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه لا أحدَ يَشفَع إلَّا بإذْن الله تعالى، ووجهُه: أنه إذا كانت الشَّفاعة خاصَّةً بالله فإنها لا تَكون إلَّا منه وإليه.

<<  <   >  >>