إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}، والله تعالى لا يَرتَضي أن يُشفَع للكافِر، فيُستَثْنى هذا، وقوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨]، وهذا مُستَثنًى إِذَنْ فهو خاصٌّ به.
قال الله تعالى:{قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} أي: هو الذي يُعطيها مَن يَشاء ويَمنَعها ممَّن يَشاء وقد بيَّنَ أن الشروط الإِذْن ورِضاه عن الشافِع ورِضاه عن المَشفوع له.
قوله تعالى:{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} هذه الجُملةُ فيها حَصْر، وهو تَقديم ما حقُّه التَّأخير، فهنا قدَّم الخبَر {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} يَعنِي: لا لغيره.
وقوله تعالى:{مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يَشمَل مُلْك الذوات، أي: مُلْك ذات السمَوات والأرض، ومُلْك التَّصرُّف فيهما يَتصرَّف فيهما كما يَشاء فهو الذي أَوْجَدهما، وهو الذي يُمسِكهما أن تَزولا، وهو الذي يُدبِّر ما فيهما، وهو الذي يُتلِفهما ويُفنيهما عند قيام الساعة، فللهِ مُلْك السموات والأرض خَلْقًا وتَدبيرًا وتَصرُّفًا، وكل شيء يَؤول إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذه الآلِهةُ لا تَملِك شيئًا من ذلك، إِذَنْ {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} أي: مُلك الذوات والتَّصرُّف كما يَشاء.
ثُمَّ نُفصِّل فنَقول: خلَقهما أوَّلَّا وَأَمسَكهما أن تَزولا، ويَطوِي السمواتِ كطَيِّ السِّجِلِّ للكُتُب، ويَقبِض الأرَضين يوم القِيامة، فكل هذه من جُملة تَصرُّفاته في هذه المَملوكاتِ، وإذا كان له مُلك السموات والأرض فلا أحَدَ يَشفَع إلَّا بإِذْنه ولا أَحَدَ يَستَحِقُّ العِبادة إلَّا هو.
ثُمَّ قال تعالى:{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} يَعنِي: يوم القِيامة نَرجِع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ فيُحاسِبنا على حسَب أعمالنا، والله تعالى قد بيَّن لنا ووضَّح وأَقام الحُجَّة، وبيَّن أن الحسَنة بعَشْر أمثالها إلى سبعِ مِئة ضِعْف إلى أضعافٍ كثيرة، وأن السيِّئة بمِثْلها وبين