أَخطَأ من قال من أَهْل العِلْم رَحِمَهُم اللهُ: إن الواو هنا زائِدة، وإن التَّقدير: حتى إذا جاؤُوا فُتِّحت أبوابها. نَقول: سُبحانَ الله! أنتُمْ أَعلَمُ بكلام الله تعالى من الله تعالى! الله عَزَّ وَجَلَّ يُفرِّق في النار يَقول: {إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ}، وفي الجَنَّة يَقول تعالى:{إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ}، وأنتم تَقولون: هذه الواوُ زائِدة، وهذا خَطير.
وكذلك أَخطَأ مَن قال: الواو واوُ الثَّمانية، وادَّعى أن في اللغة واوًا تُسمَّى واوَ الثمانية، وهذه الدَّعوى باطِلة، ويَقول المُدَّعي: عندي دَليل، وهو قوله تعالى:{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}[التحريم: ٥]، قال: فالواو قبل كلِمة (أَبكارًا) هي واوُ الثَّمانية؛ لأن هذه ثَمانية أشياءَ مَعطوفات.
ونَقول ردًّا على مَن قال هذا: إِذَنْ فقُل: جاء زيدٌ وبَكرٌ. الواو واوُ الاثنَيْن، وخالِد واو الثلاثة ... وامشِ على هذا، والصواب أن الواو هنا عاطِفة، وأن المَعطوف عليه مَحذوف بَيَّنَت السُّنَّة هذا المعطوفَ عليه.
الخُلاصةُ: على هذا فتكون الشفاعة الخاصَّة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أنواع: الشفاعة العُظمى والشَّفاعة في دُخول الجَنَّة وشَفاعته في عمِّه أبي طالِب الذي مات على الكُفْر والشِّرْك - والعِياذُ بالله - وهو في النار، لكن الله تعالى أَذِنَ لنَبيِّه أن يَشفَع فيه، فكان في ضَحضاحٍ من نار وعليه نَعلان يَغْلي منهما دِماغه، وهو أَهوَنُ أهل النار عَذابًا؛ ودَليلنا على أن الشفاعة بعَمِّه خاصَّةً به قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلَا أَنا كانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ"(١)، لكن الدليلَ على أنه خاصٌّ به: أن هذا مخصوص بقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ
(١) أخرجه البخاري: كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٨٨٣)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، رقم (٢٠٩)، من حديث العباس عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنه.