ثم قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} الخطاب هنا لبني آدم {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني يا بني آدم. {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهي آدم عَلَيْهِ السَّلَامُ.
{ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وصِفَةُ خَلْقِ آدم: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَه من ترابٍ، التُّرابُ هذا صار طينًا بإذن الله وبقي حتى صار كالفَخَّار له صَلْصَلَة وصَوْت عند دقِّه، ثم بعد ذلك خَلَقَ اللهُ منه آدمَ، وبعد أن خَلَقَ جُثَّة آدم نفخ فيه الرُّوحَ فصار حيًّا سويًّا بشرًا، هذا هو أوَّل خِلْقَة الإنسان كما دلَّ على ذلك كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، وأمَّا القُرُود الذين زعموا أنَّ أَصْلَ الآدَمِيِّ قِرْد، فنحن نُسَلِّم لهم ذلك بالنسبة لهم، أما بالنِّسْبة لنا فنحن ولله الحمد من بني آدَمَ بَشَرٌ خلق الله تعالى أبانا بِيَدِهِ وعَلَّمَه أسماءَ كُلِّ شيء، وأَسْجَدَ له ملائِكَتَه، وأمَّا هم فلهم ما أحَبُّوا أن يَرُدُّوا أنْفُسَهُم إليه!
{ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}: {ثُمَّ} للتَّرتيب بمهلة؛ لأنَّ خَلْق هذه الزَّوْج متأخِّرٌ عن خلق آدم، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أبقاه مدةً حتى عرف أنه مُحتاجٌ إلى زوجة ليسكن إليها فخلق الله له زَوْجَة، وجعل هذه الزوجة من نَفْس آدم؛ لقول النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - في النساء: