قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ... } الهَمزة هنا للاستِفهام، والغالِب أن هَمْزة الاستِفهام إذا دخَلَت على نفيٍ تَكون للتَّقرير، فمَعنَى:{أَلَمْ تَرَ} أي: قد رأَيْت، ونَظير هذا قوله تعالى:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح: ١]، أي: قد شَرَحْنا لك صَدْرك، فيَكون الاستِفْهام هنا للتَّقرير، أمَّا (لم) فهِيَ حرف جَزْم ونفيٍ وقَلْب.
وتَفسير المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: تَرى بـ[تَعلَم] فيها احتِمال: أن الرُّؤية هنا رُؤية العِلْم، واحتِمال: أن الرُّؤية رُؤية البصَر، فإن كان شيء مُشاهَدًا للإنسان حيث يَكون حولَه، فهي رُؤية بصَر تَتْبَعها رُؤية العِلْم، وإن كان بعيدًا يَسمَع عنه سماعًا فهي رُؤْية عِلْم.
والخِطاب في قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ}، إمَّا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإمَّا لكل مَن يَصِحُّ خِطابه.
وقوله تعالى:{مِنَ السَّمَاءِ} أي: من العُلوِّ، وليس المُرادُ بذلك السَّماءَ السَّقْف المَحفوظ، لأنه من المعلوم أن المطَر يَنزِل من السَّحاب، والسَّحاب مُسخَّرٌ بين السماء والأرض، وعلى هذا يَكون المُرادُ بالسماء العُلوَّ.