للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٥)]

* قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: ٥٥].

قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا} أيِ: الزَمُوا العمَل بأَحسَن ما أُنزِل إليكم من ربِّكم، والعملُ يَقتَضي العمَلَ القَلْبيَّ والعمَل اللِّسانيَّ والعمَل الجوارِحيَّ؛ يَعنِي: اتَّبِعِوهُ عَقيدةً وقولًا وعمَلًا.

وقوله تعالى: {أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} الأحسن هنا الظاهِر أنه وَصْفٌ للنازِل: {أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}، ونحن إذا تَأمَّلْنا لم نَجِد أحسَنَ من القُرآن، كما هو ظاهر في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨]، أي: مُسيطِرًا، وذا سُلْطان، فعلى هذا تَكون الأَحسنِيَّةُ هنا راجِعةً إلى الكتاب المَتبوع، وحينئذٍ لا إشكالَ فيها.

وإذا قُلْنا: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} أي: (افعَلوا أحسَنَ ما شُرِع لكم) يَبقَى فيه إشكال، وهو أننا مَأمورون بأَحسَن ما شُرِع لنا، فهل يَعنِي ذلك أننا لو فعَلْنا الحسَنَ دون الأحسَنِ نَكون مُقصِّرين؟

نَقول: هذا ظاهِر الآية إذا فسَّرْناها بما ذكَرْنا, ولكن دلَّتِ النُّصوص على أن مَن اقتَصَر على الواجِب فقد قام بالواجِب، وإن لم يَأتِ بالأحسَنِ، بل إن الرسول

<<  <   >  >>