وقوله تعالى:{أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} الأحسن هنا الظاهِر أنه وَصْفٌ للنازِل: {أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}، ونحن إذا تَأمَّلْنا لم نَجِد أحسَنَ من القُرآن، كما هو ظاهر في قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}[المائدة: ٤٨]، أي: مُسيطِرًا، وذا سُلْطان، فعلى هذا تَكون الأَحسنِيَّةُ هنا راجِعةً إلى الكتاب المَتبوع، وحينئذٍ لا إشكالَ فيها.
وإذا قُلْنا:{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} أي: (افعَلوا أحسَنَ ما شُرِع لكم) يَبقَى فيه إشكال، وهو أننا مَأمورون بأَحسَن ما شُرِع لنا، فهل يَعنِي ذلك أننا لو فعَلْنا الحسَنَ دون الأحسَنِ نَكون مُقصِّرين؟
نَقول: هذا ظاهِر الآية إذا فسَّرْناها بما ذكَرْنا, ولكن دلَّتِ النُّصوص على أن مَن اقتَصَر على الواجِب فقد قام بالواجِب، وإن لم يَأتِ بالأحسَنِ، بل إن الرسول