قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[أي: بِأَنْ]، فجعل اللام بمعنى الباء؛ وذلك لأنَّ أَمَرَ إنما تتعدَّى بالباء ولا تتعدى باللام، فلهذا فسَّرَها المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بالباء، وهذا أحد المَسْلَكَيْنِ للنُّحاة فيما إذا تلا الفِعْلَ حرفٌ لا يتعدَّى به غالبًا فإنهم يجعلون هذا الحَرْف بمعنى الحَرْف الذي يتعدى به العامِلُ؛ أي: الفعل أو غير الفعل غالبًا؛ فمثلًا هنا:{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ} يجعلون اللام بمعنى الباء؛ وفي قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}[الإنسان: ٦] يجعلون الباء بمعنى مِنْ؛ أي: يَشْرَبُ مِنْها.
والمسلك الثاني للنحاة: أنَّهُم يحوِّلون الفِعْل إلى فعلٍ مناسِبٍ للمُتَعَلِّق، ويُسَمُّون هذا: تَضْمِينًا؛ أي: إنَّ الفعل المذكورَ ضُمِّنَ معنى فِعْلٍ يتعدَّى بالحَرْف المذكور؛ فمثلًا:{يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} يقولون: المعنى: يَرْوَى بها، فضُمِّنَ الشُّرْبُ معنى الرِّيِّ.
ولا شك أن هذا يُعْطِي النَّصَّ معنًى أكْثَرَ؛ لأنَّه يُبْقِي الحرف على ما هو عليه، ويُعْطي الفعْلَ المذكور معنًى زائدًا على ما يَدُلُّ عليه لفظه، فيكون هذا المَسْلَك أولى، لكن أحيانًا يَصْعُب على طالب العلم - ولا سيما المبتدئ - أن يُقَدِّرَ الفِعْل المناسب الذي يكون مُضَمَّنًا للفِعْل المذكور، حينئذٍ يلجأ إلى الأسهل، وهو تحويل الحَرْف إلى حرف يناسب الفِعْل المذكور.