قال تعالى:{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} أي: مَن يُقدِّر اللهُّ تعالى هِدايته فما له من مُضِلٍّ، ولا أحَدَ يَستَطيع أن يُضِلَّه مهما كثُرَتِ الشُّبُهاتُ وكثُرَتِ الشَّهَواتُ، فإذا قدَّر الله تعالى على العَبْد الهِداية فلن يُضِلَّه لا شهوةٌ ولا شُبهةٌ؛ لأنه عند الشَّهوة يُغلِّب العَقل فيَمتَنِع منها، وعند الشُّبهة يُغلِّب العِلْم فيَهتَدِي به منها، فمَن يَهدِه الله تعالى فما له من مُضِلًّ.
وفي هذه الجُملةِ من تَشجيع الإنسان على الاستِمرار في الهِداية ما هو ظاهِر؛ لأن الله تعالى هو الذي هَداه ولا أحدَ يَستَطيع أن يُضِلَّه؛ وفيها اللُّجوء لله عَزَّ وَجَلَّ في طلَب الِهداية منه والاستِمرار عليها.
ثُمَّ قال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} الجَوابُ: بلَى، وقوله تعالى:{بِعَزِيزٍ} هذه خبَر (ليس) دخَلَت عليها الباء الزائِدةُ لَفْظًا الزائِدةُ مَعنًى؛ لأنها تُفيد تَوكيد العُموم في النَّفي إذ إن النفيَ يُفيد العُموم إذا أَتَى بعده اسمٌ نَكِرة، لكن إذا دخَلَتِ الباء فإن حُروف الزيادة من أَحرُف التَّوْكيد، كما ذكَر ذلك عُلماء البلاغة.