ثُمَّ قال الله تعالى:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}.
قوله تعالى:{قُلْ} الخِطاب للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه هو الذي أُوحِيَ إليه هذا القرآنُ، واعلَمْ أن القُرآن كلَّه قد قيل للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيه:{قُلْ}، لكن بعضه يُصرَّح فيه بـ {قُلْ}، وبعضه لا يُصرَّح؛ لأن قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}[المائدة: ٦٧]، يَعُمُّ القُرآن كلَّه، فيَجِب عليه أن يَقول للناس القُرآن كلَّه، لكن بعض الآيات أو بعض الأحكام تُصدَّر بـ {قُلْ} للعِناية بذلك، أي: بذلك الحُكمِ المُصدَّر بـ {قُلْ}، فهنا يَقول الله تعالى:{قُلْ} أي: قُلْ يا مُحمَّدُ {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} أي: قُلْ لهم مُبلِّغًا عن الله تعالى أن الله تعالى قال: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}.
فقوله تعالى:{قُلْ} يَعنِي: أَبلِغ عِبادي بذلك، أَبلِغْهم بأني أَقول: يا عِبادي، ولا يَصِحُّ أن نَقول: قل أنت يا مُحمَّدُ: يا عِبادي. فتُضيف المَعنَى إلى نَفْسك، بل المَعنَى: أَبلِغْ عِبادي أني أَقول: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، وقُلْنا بهذا التَّفسيرِ؛ لأن