ثم قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ} قوله: {قُلْ} الخطابُ للرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، أو لِكُلِّ من يصِحُّ توجيه الخطاب إليه؛ فعلى الأول يكون التَّقدير: قل يا محمَّدُ، وعلى الثاني يكون التقدير: قل أيها الإنسانُ.
وقوله:{يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ}: (عبادِ) هنا فيها شيء محذوفٌ، وهو الياء التي دلت عليها الكَسْرة في قوله:{يَاعِبَادِ} وحُذِفَتِ الياء تخفيفًا.
قوله:{الَّذِينَ} عَطْف بيان أو وَصْف.
قوله:{الَّذِينَ آمَنُوا} الإيمان في اللغة: التَّصديق أو الإقرار؛ بل نقول: الإقرارُ؛ لأنَّه هو المطابق للإيمان في التَّعَدِّي والعمل، يقال: أقَرَّ بكذا وآمَنَ بكذا، والتَّصْديق لا يطابِقُه تمامًا، وعلى هذا فنقول: الإيمانُ هو الإقرار، لكنه ليس مجرَّد الإقرار كما قاله بعض طوائف المُبْتَدِعَة - مُرْجِئَة الجَهْمِيَّة - بل نقول: هو الإقرار المُسْتَلْزِم للقَبُول والإذعان، هذا الإيمانُ، إذا لم يستلزم للقَبُول والإذعان فإنه ليس بإيمانٍ.
قوله:{اتَّقُوا رَبَّكُمْ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي عذابَه]، وفي هذا نَظَرٌ، بل المراد: تقوى الله عَزَّ وَجَلَّ، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يضيف التقوى أحيانًا إلى نفسه، وأحيانًا إلى النَّار،