وأحيانًا إلى يوم الجزاء؛ فقد قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[آل عمران: ١٣١] بعد أن قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ} [آل عمران: ١٣٠, ١٣١]؛ فلو فَسَّرْتَ تقوى الله بتقوى عذابه لكان في الآية تَكرار.
فالصواب: أنَّ الله يُضيف التقوى أحيانًا إلى نفسه، وأحيانًا إلى النَّار، وأحيانًا إلى يوم الجزاء، كما في قوله:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة: ٢٨١].
والصَّحيح: أنَّها تُفَسَّرُ بما تُضاف إليه؛ فقوله:{اتَّقُوا اللهَ} أي: اتَّقوا الله نَفْسَه لِعَظَمَةِ وكمالِ سُلْطانِهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{اتَّقُوا اللهَ} أي: عذابه، بأن تطيعوه]، نقول: الصَّحيحُ: أي الله نفسه. وقوله:[بأن تطيعوه] هذا تفسيرٌ للتقوى، وعلى هذا نقول: التقوى: طاعة الله بفِعْل أوامِرِه واجتنابِ نَواهيه؛ لأنَّ أَصْلَ التقوى مأخوذٌ مِنَ الوِقَايَة، ولهذا يقولون: إنَّ أصلها (وَقْوَى) من الوِقايَة.
والوقاية هي اتخاذُ ما يَقي الإنسانَ، ولا يقي الإنسانَ من عذابِ الله إلا طاعَةُ الله، ولهذا نقول: إنَّ أَجْمَعَ ما قيل في التقوى أنَّها طاعةُ الله؛ كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ؛ أو اتخاذُ وقاية من عذابه بفِعْل أوامره واجتنابِ نَواهيه.
ثم قال تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}: {لِلَّذِينَ} خبر مُقَدَّم و {حَسَنَةٌ} مبتدأ مؤخَّر {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا} الإحسانُ يكون في عبادة الله، ويكون إلى عبادِ الله، أما الإحسانُ في عبادة الله فلا أَجْمَع ولا أصدق من تفسيرِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - له حين سأله جبريلُ عن الإيمان؛ فقال:"أنْ تُؤْمِنَ بالله"؛ وقال - صلى الله عليه وسلم - حين