ثُمَّ قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ}: {أَمِ} هنا مُنقَطِعة؛ ولهذا تُقدَّر بـ (بل) والهَمْزة أي: أنها بمَعنَى: (بل) والهَمْزة.
وقولنا:(مُنقَطِعة) يُفيد أن هناك مُقابِلًا لهذا المَعنَى وهو كذلك، والمُقابِل لهذا المَعنَى أن تَكون مُتَّصِلة، وحينئذٍ نَحتاج إلى الفَرْق بين المُنقَطِعة والمُتَّصِلة، والفرق بينهما من وجهين:
الفَرْق الأوَّل: أن (أَمِ) المُنقَطِعة لا مُعادِلَ فيها، بمعنَى أنه لا يُذكَر فيها مُعادِل، بخِلاف (أَمِ) المُتَّصِلة فإنها تَحتاج إلى مُعادِل، فقوله تعالى:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}[البقرة: ٦]، هذه مُتَّصِلة لذِكْر المُعادِل {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}، وأمَّا قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ}[الطور: ٣٣]، فهذه مُنقَطِعة؛ لأنها بمَعنَى: بل أيَقولون؛ لأنه لم يُذكَر فيها المُعادِل فتَكون مُنقَطِعة.
الفَرْق الثاني بينهما: أن (أَمِ) المُتَّصِلة بمَعنى (أَوْ)، و (أَمِ) المُنقَطِعة بمَعنَى (بل) والهَمزة ففي قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} لو جعَل بعدَها (أَوْ)