قوله تعالى:{وَنُفِخَ} النَّفخ مَعروف، والنافِخ (إِسرافيلُ) عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَبهَمه للتَّعظيم؛ لأن الإبهام يَأتِي للتَّعْظيم كما في قوله تعالى:{فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}[طه: ٧٨]، فإن هذا يَدُلُّ على عِظَم ما غَشِيَهم، والنَّفْخ لا شكَّ أنه أَمْر عظيم؛ ولهذا لم يُبيَّن مَن النافِخُ، وكل ما في القُرآن من النَّفْخ في الصُّور يَأتِي بصيغة:{وَيَوْمَ يُنْفَخُ}، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ}.
وقوله تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} الصِّيغة هنا صِيغة ماضٍ، مع أنه مُستَقبَل، لكن عبَّر عنه بالماضِي؛ لتَحقُّق وقوعه، كما في قوله تعالى:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}[النحل: ١] مع أنه لم يَأتِ بعدُ.
وقوله تعالى:{فِي الصُّورِ}، الصُّور: قَرْن عَظيم، قيل: إن سَعة دائِرته كما بين السماء والأرض، وهذا الصُّورُ يَنفُخ فيه إسرافيلُ.
يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} النَّفخة الأُولى {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}] وهذا بِناءً على أنَّ النَّفْخ في الصُّور يَكون مرَّتَيْن، وقيل: بل النَّفْخُ في الصُّور ثلاثَ مرَّاتٍ، وقد دلَّ على هذا حديثُ الصُّور