الذي ذكَره ابنُ كثير رَحِمَهُ اللهُ بطوله في تَفسير سورة الأنعام.
وهذه الثلاثُ هي: نَفْخة الفزَع، ونَفْخة الصَّعْق، ونَفْخة البَعْث؛ لقوله تعالى في سورة النَّمْل:{وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}[النمل: ٨٧]، وهنا قال تعالى:{فَصَعِقَ}، {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}.
وقيل: بل النَّفْخ مرَّتان، وهو ما مشَى عليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ، وأن نَفْخة الفزَع هي نَفْخة الصَّعْق، وأن الناس إذا سمِعوه أوَّلَ مرَّة فزِعوا ثُمَّ يُطيل في النَّفْخ فيُصعَقون: يَموتون بعد الفزَع، وعلى هذا فيَكون النَّفْخ مرَّتين: فزَعٌ، ثُم صَعْق؛ لأنه يُطيل النَّفْخ، ثُئَم يُصعَق الناس، ولا شَكَّ أن شيئًا يُصعَق الناس منه؛ لا بُدَّ أن يَكون شيئًا عظيمًا مُزعِجًا مُرعِبًا، وهو كذلك.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [({فَصَعِقَ} مات {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}] {مَنْ} اسمٌ مَوْصول تُفيد العُموم، وتُستَعمَل غالِبًا في العاقِل، وقد تُستَعمَل في غيره تبَعًا أو للشُّمول؛ مِثالها تبَعًا قوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور: ٤٥]، ومَعلوم أن الذي يَمشِي على بَطْنه أو على أربَعٍ ليس من ذَوي العُقول، لكن أُتِيَ بـ (مَن) تبَعًا، وقد يَكون للعُموم كما في هذه الآيةِ:{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}، فكُلُّ مَن في السمَوات والأرض من آدَمِيِّين أو بهائِمَ أو غيرها كلها تَموت.
يَقول تعالى:{إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} أي: ألَّا يُصعَق فإنه لا يُصعَق، وقدِ اختَلَف العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ مَن هذا المُستَثْنى؟
فذهَبَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ وجماعة إلى إن المُستَثْنى:[الحُور والوِلْدان]، وهُم في الجَنَّة.