قوله عَزَّ وَجَلَّ:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} الاستِفْهام هنا للتقرير بِناءً على القاعِدة التي ذكَرْناها من قبلُ، وهي: أن هَمزة الاستِفْهام إذا دخَلَت على ما يُفيد النفيَ أَفادَتِ التقرير مثل قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح: ١]، يَعنِي: قد شَرَحْنا لك صدرَك، وقوله تعالى:{أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}[المؤمنون: ١٠٥]، يَعنِي: قد كانَت وهكذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} يَعنِي: قد كفَى اللهُ تعالى عبدَه.
وقوله تعالى:{بِكَافٍ عَبْدَهُ} الذي نَصَب (عبدَه) قوله تعالى: (كافٍ)؛ لأن (كافٍ) اسم فاعِل وفاعِله مُستَتِر، و (عبد) مَفعولٌ به.
و (عَبْد) مُفرَد مُضاف فيَكون عامًّا لجَميع مَنِ اتَّصَف بهذا الوَصْفِ، فكُل مَن كان عبدًا لله تعالى حقًّا فإن الله تعالى كافيه، ومثل هذا قوله تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣]، ومثله قوله تعالى:{فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة: ١٣٧]، فالعَبْد هنا وَصْفٌ شامِل لا يَختَصُّ بأحَد دون الآخَرِ، فكُلُّ مَن انطَبَقت عليه العُبودية حَقًّا فالله تعالى كافيه:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}، والجَوابُ على هذه الجُملةِ أن يقال: بَلَى.