ولمَّا ذكَر الرِّجال الأربعة، ومنهم رجُلٌ أَعطاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى المال فهو يُنفِقه في غير مَرضاة الله تعالى، فقال الرجُل الفقير: ليتَ لي مال فُلان فأَعمَل فيه كعمَل فُلان. قال:"فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ"(١)، مع أنه لم يَعمَل، لكن تمَنَّى وأَراد. والله تعالى أَعلَمُ.
وإذا أَخبَر مُخبِر بخبَر وهو يَظُنُّ أنه يُطابِق الواقِع وكان يُخالِف الواقِع هل يُسمَّى: كذِبًا؟ نعَمْ، يُسمَّى كاذِبًا، لكن ليس عليه إِثْم الكاذِب.
وإذا قال الرجُل: أَعبُد الله تعالى ليَرضَى الله. فهذا صحيح، وأمَّا قول الصُّوفية: أَعبُد الله لله. فهذا خطَأ؛ ولهذا قال الله تعالى:{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا}[المائدة: ٢]، فبَدَأ بالفضْل، وهذا في وَصْف الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وأصحابه: حيث قال: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[الفتح: ٢٩].
ومثله في طلَب العِلْم؛ فنَقول: نحن نُخلِص لأَخْذ العِلْم، فإنه لا شَكَّ أن الإخلاص لله تعالى مَعونة، وسبَب لتَحصيل العِلْم وبرَكة العِلْم الإِخْلاص سبَبٌ لحُصول المَفقود والبَرَكة في المَوجود.
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٢٣٠)، والترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر، رقم (٢٣٢٥)، وابن ماجه: كتاب الزهد، باب النية، رقم (٤٢٢٨)، من حديث أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه -.