أي: بلاء، وأمَّا التَّوْسِعة فهي امتِحان مع أن الابتِلاء بمَعنَى الامتِحان، فإن الإنسان يُبتَلى فيما يُبتَلى به ليَمتَحِنه الله عَزَّ وَجَلَّ هل يَصبِر أو يَتضَجَّر، وأمَّا ما ابتَلَى الله تعالى به من النِّعَم فهو هل يَشكُر أو يَكفُر.
وقوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المُشار إليه البَسْط والتَّضييق، و {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي: علامات على أن الله تعالى وحدَه هو المُتصَرِّف؛ ولهذا نَجِد بعض الناس يَكون عنده حِذقٌ في البَيع والشِّراء وتَحصيل المال، وعنده قُدرة، وعنده قُوَّة، ولكن يُضيَّق عليه، ونَجِد بعض الناس دون هذا، يَعنِي: أنه لا يَهتَمُّ بالأمور، وليس عنده ذاك الحِذقُ فيُوسِّع الله تعالى عليه، وهذا يَدُلُّ على أن الله عَزَّ وَجَلَّ هو المُتَصرِّف في عِباده يُوسِّع على هذا ويَقدِر على هذا، ولكن لا يَعنِي هذا أننا لا نَفعَل الأسباب، كما سنَذكُر - إن شاء الله تعالى - في الفوائِد.
والحَقيقة أن التَّوسيع والتَّضييق كِلاهما امتِحان، وكِلاهما ابتِلاء، قال الله تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء: ٣٥]، لكن مشَى المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ على هذا من باب اختِلاف التَّعبير والمَعنَى واحِد.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} به] أي: بهذا البَسطِ والتَّضييق، فمَن آمَن بذلك - أي: بالله عَزَّ وَجَلَّ وببَسْطه وتَضيِيقه - عرَف بذلك حِكْمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.