الجواب: لا، لأنَّ بَعْضَها لا ينبني على بعضٍ، فكُلُّ ريال مُنْفَصِل عن الذي قبله؛ وهذه مسألة مُهِمَّة.
أما المسألة الثانية: فأحيانًا يهاجِمُ الرِّياءُ القَلْبَ، ويدافعه الإنسانُ، فهل يؤثِّر هذا على إخلاصِهِ؟
الجواب: لا، لا يؤثِّرُ ما دام يدافِعُه ويُعْرِضُ عنه؛ لأنَّه الآن في جهادٍ لعَدُوِّه، والشيطان دائمًا يأتي الإنسانَ من كل وَجْه، قال الله تعالى عنه في سورة الأعراف:{لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}[الأعراف: ١٦] يعني: في كل مكانٍ، فيأتي الإنسانَ يُثَبِّطُه عن العبادة، يُثَبِّطُه عن طلب العلم، يثبِّطه عن صلة الرَّحِم، عن بِرِّ الوالدَينِ، وما أشبه ذلك مما أوجب الله عليه، فإذا رأى منه تَصْميمًا عَلى القيام بالعبادة أتاه من جهةٍ أخرى، وهو: الغُلُوُّ في العبادة، والزيادَةُ فيها، والتَّنَطُّع والتكَلُّف، فإذا عَجَز عنه من هذه الناحية أتاه من جهة النِّيَّة؛ أنك مُراءٍ، ولكنَّ الإنسان يجب عليه أن يدافِعَ الشيطان بقدر ما يستطيع مُسْتَعينًا بالله عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: غِنى الله عَزَّ وَجلَّ غنى الله الغنى التَّام.
ووجه ذلك: أنَّه إذا كان الله لا يَقْبَلُ إلا ما كان خالصًا دلَّ على غناه عن عمل العباد لأنَّه - وحاشاه من ذلك - لو كان فقيرًا مُحتاجًا لذلك لاكتفى بما يأتيه منهم ولو على سبيل المشارَكَة، كالإنسان المُحتاجِ يقبل منك ما كان خاصًّا له وما كان مُشْتَرَكًا، فلما كان الله لا يقبل إلا ما كان خالِصًا عُلِمَ بهذا غناه عن العباد، وإلى هذا يشير قوله تعالى في الحديث القدسي:"أَنا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ"(١).
(١) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.