عِقاب الكافِرين. لكان أعمَّ؛ لتَشمَل النَّجاة نجاتَهم من جَهنَّمَ، ومن أن تَكون وجوهُهم مُسوَدَّةً، ومن غير ذلك.
قال رَحِمَهُ اللهُ: [{الَّذِينَ اتَّقَوْا} الشِّرْكَ]، والصواب أن يُقال في هذا: اتَّقوا الله؛ لأن التَّقوى عند الإطلاق إنما يُراد بها تَقوى الله عَزَّ وَجَلَّ، وقد تُذكَر في غير الله تعالى، مثل قوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة: ٢٨١]، وقوله تعالى:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[آل عمران: ١٣١]، وما أَشبَه ذلك، لكن عند الإطلاق لا يُراد بها إلَّا تَقوَى الله عَزَّ وَجَلَّ.
قوله رَحِمَهُ اللهُ: [{بِمَفَازَتِهِمْ} أي: بمَكان فَوْزهم من الجنَّة بأن يَجعَلوا فيه].
قال رَحِمَهُ اللهُ:[بمَكان فَوْزهم من الجَنَّة بأن يَجعَلوا فيه]، فأَفادَنا رَحِمَهُ اللهُ بهذا التَّفسيرِ: أن الباء بمَعنَى (في) أي: يُنجِّي الله الذين اتَّقَوْا من العذاب في مكان فَوْزهم، وهو الجَنَّة.
والباء تَأتي بمَعنَى (في) في اللغة العربية، ومنه قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: ١٣٧, ١٣٨]، {وَبِاللَّيْلِ} يَعنِي في الليل.
وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} هذا من نَجاتهم أنهم لا يَمَسُّهم السوء، أي: لا يَمسُّهم شيء يَسوؤُهم، لا من عِقاب، ولا من تَوبيخ، ولا غير ذلك؛ ولهذا إذا دخَل أهل الجَنَّةِ الجَنَّةَ يُقال: يا أهلَ الجَنَّة، خُلودٌ فلا موت. ويقال: إن لكم أن تَنعَموا، وإن لكم أن تَصِحُّوا، وإن لكم أن تَحيَوْا. يَعنِي: فلا تمَوتوا، ولا تَسقَموا، ولا تَبأَسوا. دائِمًا هم في نعيم؛ ولهذا قال تعالى:{لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي: لا يَحزَنون على ما سبَقَ؛ لأنَّ الحُزْن يَكون على ما مضَى، والغَمَّ