للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو قال لك قائِل: ما مَعنَى: ثُبَاتٍ؟ لفَهِمْت مَعناها ممَّا بعدَها: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا}، فيَكون الثَّبات ضِدَّ المُجتَمِعين، أي: فُرادى: فانفِروا فُرادى أو انفِروا جميعًا.

وهذه من قواعِد التَّفسير أن يُعرَف تَفسير الكلِمة بذِكْر ما يُقابِلها.

إِذَنْ: يَجِب أن نَعرِف الفَرْق بين المملوك الذي فيه الشُّرَكاء المُتَشاكِسون والمملوك الذي ليس فيه شُرَكاءُ، ثُمَّ نَقيس عليه المُخلِص لله تعالى الذي يَعبُد الله تعالى وحدَه، والذي يَعبُد مع الله تعالى غيرَه؛ ولهذا قال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [هود: ٢٤]، أي: هل يَستَوي رجُلان: أحدُهما فيه شُرَكاءُ مُتَشاكِسون والآخَر سَلَمٌ لرجُل؟ هل يَستَوِي هذان؟

الجَوابُ: لا، فالاستِفْهام حينئذٍ بمَعنَى النَّفيِ، يَعنِي: لا يَستَوِيان، والاستِفهام يَأتي لمَعانٍ كثيرة كما هو مَعروف في عِلْم البَلاغة، ولكنه إذا أَتَى في مَوضِع النفيِ فإنه يَكون مُشْربًا معنَى التَّحدِّي؛ لأنه لو قيل: لا يَستَوِيان لفَهِمنا انتِفاء استِوائِهما.

لكن إذا قيل {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} فهِمنا أَمْرين:

الأمر الأوَّل: انتِفاء الاستِواء.

والأمر الثاني: التَّحدِّي.

ونَقول: هل عِندك شيء يُثبِت أنهما يَستَوِيان، فيَكون تَحويل النَّفيِ إلى استِفْهام أبلَغَ في النفي وبين {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}؟ الجَواب: لا.

قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} حَمِد نَفْسه عَزَّ وَجَلَّ لكَمال صِفاته وكَمال إنعامه، ومن إنعامه أنه يَضرِب الأَمْثال للناس في القُرآن لعلهم يَتَذكَّرون مع أنه عَزَّ وَجَلَّ غَنيٌّ عنهم؛

<<  <   >  >>