للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال ذلك أيضًا أنك تَجِد التَّمْر يَأكُله رَجُلان: أحدُهما يَكون داءً عليه، والثاني يَكون له غِذاءً، فمُصاب السُّكَّر إذا أكَل التَّمْر صار داءً عليه، والرجُل الصحيح لا يَكون داءً عليه.

وذلك مثل الأرض تَمامًا، فإننا نَجِد الماء يَجرِي عليها، فأَرْضٌ تَقبَله وتَشرَبه وتُنبِت، وأُخرى لا تَقبَله ولا تَنتَفِع به، فهذا ذِكْر الله عَزَّ وجَلَّ يَرِد على القَلْب الليِّن فيَنتَفِع به، ويَرِد على القَلْب القاسي فيَزداد قَسوة والعِياذ بالله تعالى.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أن القاسِيةَ قلوبُهم من ذِكْر الله تعالى على عَكْس مَن شرَح الله تعالى صَدْره للإسلام، فإن مَن شرَحَ الله تعالى صَدْره للإسلام يَكون على نور، ومَن قَسا قلبه من ذِكْر الله تعالى فهو في ضَلالٍ مُبين.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أن هؤلاءِ الذين قسَتْ قُلوبهم من ذِكْر الله تعالى قد انغَمَسوا انغِماسًا تامًّا في الضَّلال، ويُؤخَذ هذا من حَرْف الجرِّ (في)؛ لأن (في) للظرفية، والظَّرْف مُحيطٌ بالمَظروف، ومَعلوم أن المَظروف دون الظَّرْف؛ لذا يَكون في جوفه، فكأن هؤلاء انغَمَروا في الضَّلال، وأَحاط بهم إِحاطةَ الظَّرْف بمَظروفه، فصَدَق الله تعالى في قوله: {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} نَسأَل الله تعالى لنا ولكمُ الهِداية والنور.

<<  <   >  >>