للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدِ اجتَمَع النَّوْعان في قوله تعالى عن سحَرة آل فِرعونَ: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: ١٢١, ١٢٢]، فالأوَّل عامٌّ، والثاني خاصٌّ.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: ذِكْر الوعيد الشديد لمَنْ قَسا قلبُه عن ذِكْر الله تعالى؛ لقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ}.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنك إذا رأَيْت من قَلبك عدَم لينٍ لذِكْر الله فعالِجْ نَفْسك لتَسلَم من هذا الوَعيدِ، وهذا نَشكو منه كثيرًا، فأَحيانًا يَقْسو القَلْب ولا يَلين، وَيقرَأ الآياتِ العظيمةَ الرادِعة ولا يَتأثَّر، وأَحيانًا يَقرَأ نَفْس الآيات، ثُم يَتأثَّر، فإذا عَرَفت من نَفْسك قَسوة القَلْب فالْجَأْ إلى الله عَزَّ وَجلَّ، واسْأَله أن يُلين قَلبك لذِكْره، وتَأهَّب للوعيد إذا لم يَتَدارَكْكَ الله تعالى بلُطْفه ومَغفِرته.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أن القُلوب قِسْمين: قلوبٌ تَلين من ذِكْر الله تعالى وأُخرى تَقْسو منه.

فإن قال قائِل: كيف يَكون الشيء الواحِد مُؤثِّرًا لنَتيجتَيْن مُتبايِنَتَيْن؛ أَيْ: شيء واحِد يُؤثِّر نَتيجتين مُتَقابِلتين؟

فالجَوابُ: أن هذا مُمكِن، وذلك لاختِلاف المَحلِّ الوارِد عليه هذا الشيءُ، وليس هذا بغريبٍ، لا في المَعنويات ولا في الحِسِّيَّات، أمَّا في المَعْنويَّات فكما تَقدَّم في كلام الله عَزَّ وَجلَّ، وكما أن الإنسان يُلقِي الدرس على جماعة بعضُهم يَلتَهِمه التِهامًا، ويَفهَمه فَهْمًا تامًّا ويَجِده لذيذًا، والبعض الآخَرُ يُغلَق عليه ولا يَفهَمه، ثُم إذا أُغلِقت عليه كلِمةٌ واحِدة انغَلَق عليه جميع الدرس، وعَجَز أن يَفهَم مع أن المُعلِّم واحِد والمَوْضوع واحِد.

<<  <   >  >>