ولوِ اجْتَمَع الخَلْقُ كلُّهم على أن يأتوا باللَّيل في مَوْضِع النَّهار أو بالنَّهار في موضع اللَّيل، ما استطاعوا؛ ففي هذا بيان كمالِ قُدْرَة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ حيث يكوِّر اللَّيل على النَّهار، ويكور النَّهار على اللَّيل.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ الشَّمْس والقمر يجريان في فَلَكِهما، ففيه الرَّدُّ على من زعم أنَّ تعاقُبَ اللَّيل والنَّهار يكون بدوران الأرض، فإنَّ الآية صريحةٌ في أنَّ الشَّمْس تجري والقمر يجري، وعلى الأقل نقول: هي ظاهِرَة في ذلك، وإذا كان لدينا ظاهِرٌ من الكتاب والسُّنَّة فإنه لا يجوز لنا أن نَعْدُوَ هذا الظَّاهر إلا بدليلٍ بيِّن يُسَوِّغُ لنا أن نخالِفَ هذا الظاهر؛ لأنَّ الله خاطبنا بكلامه باللِّسان العربي؛ فوجب علينا أن نأخذ بمقتضى هذا اللِّسان العربي ما لم يوجد دليلٌ على خلافه.
هُمْ يقولون الآن: إنَّ الشَّمْس والقمر لا يجريان، وأنَّ القمر يدور على الشَّمْس، وأنَّ الأَرْض أيضًا تدور حول الشَّمْس، وأنَّ تعاقُب اللَّيل والنَّهار يكون بدوران الأرض، وكلُّ هذا خلاف ظاهِرِ القرآن فلا عِبْرَة به؛ إلا إذا علمنا شيئًا نُقابِلُ به الله عَزَّ وَجَلَّ بإخراج كلامه عن ظاهره، وإلا فالواجِبُ إبقاؤه على الظاهِرِ؛ حتى لو فرضنا أننا أَقْرَرْنا بأنَّ الأَرْض تدور فإنه لا يلزم من ذلك ألَّا تكون الشَّمْس تدور عليها؛