فتَسمية الثواب أَجْرًا من باب تفضُّل الله عَزَّ وَجَلَّ أنَّه جَعَل هذا الثوابَ على نَفْسه كالأُجْرة للعامِلِ الأجرةَ الثابتةَ اللازمةَ، فكذلك ثواب المُحسِن أَجْر ثابِت واجِب على الله تعالى بإيجابه هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على نفسه تَفضُّلًا منه وإحسانًا.
إذَنْ: فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الذي مَنَّ علينا - في الواقِع - مَرَّتين:
المرَّة الأُولى: بتَوفيقنا للعمَل.
والمرَّة الثانية: بجَزائِنا على هذا العمَلِ الحسَنةَ بعشَرة أمثالها.
وانظُرْ إلى الفَضْل أيضًا والمِنَّة الثالِثة:{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن: ٦٠]، فكأننا نحن الذين أَحسَنَّا فأَحْسَن إلينا، مع أن الإحسان لله تعالى أوَّلًا وآخِرًا، فالحمدُ لله ربِّ العالَمين.
وقوله تعالى:{فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} قد يَكون كلامًا مُبتَدَأً من الله تعالى، وقد يَكون بقيةَ كلام أهل الجَنَّة حين قالوا:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}؛ فإن كان من أهل الجَنَّة فهو زِيادة ثَناء على الله عَزَّ وَجَلَّ، وإن كان من الله تعالى ابتِداءً فهو حَثٌّ لنا على أن نَعمَل هذا العمَلَ الذي يَكون هذا جَزاءَه.