للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظاهِره نُجيبه بهذا، ونَقول: هذا غيرُ مَقبول؛ لأنه خِلاف ظاهِر اللَّفْظ، فإن أَتيتَ بدليل صحيح يُخرِجه عن ظاهِره فعلى العَيْن والرَّأْس، وإن لم تأتِ بدليل صحيح يُخرِجه عن ظاهِره فقولُك مَردود.

وقد ورد أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُنزِل مَلائِكة السماء الدنيا حتى تُحيط بالخَلْق، ثُم تَنزِل مَلائِكة السماء الثانية حتى تُحيط بأهل السماء الدُّنيا؛ لأن أهل السماء الثانية أكثَرُ من أهل السماء الدنيا، إِذْ إن السماءَ الثانية أَوسَعُ من السماء الدنيا، فيَكون سُكَّانها أكثَرَ، ثُم يَنزِل أهل السماء الثالِثة فيُحيطون بمَن قَبْلهم، وهم أكثَرُ من أهل السماء الثانية، وهَلُمَّ جَرًّا، إلى السماء السابِعة.

قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: ٢٢]، وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: ٢٥]، {وَنُزِّلَ} أي: نزَلوا شيئًا فشيئًا؛ أهل السماء الدنيا، ثُم الثانية، ثم الثالثة ... إلى السابِعة.

وقوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} قال أهلُ العِلْم رَحِمَهُم اللهُ: إن هذا الغَمامَ هو الذي يَأتِي بين يدَيِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وهو غَمام عظيم لا نَعلَم قَدْره ولا نَعلَم كيفِيَّته.

ولهذا قال تعالى: {تَشَقَّقُ السَّمَاءُ} ولم يَقُل: تَنشَقُّ، بل: (تَشقَّق)، كأنه شيء يَنبَعِث منها شيئًا فشيئًا، وسيَكون هذا عظيمًا، وذلك بين يدَيْ مَجيء الربِّ جَلَّ وَعَلَا، ثُم يَنزِل سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للقَضاء بين العِباد، وحينئذ تُشرِق الأرض بنور ربها.

ولا نَستَطيع الآنَ أن نَتصوَّر كيف هذا الإشراقُ! وكيف هذا النُّورُ! وكيف هذا الغَمامُ! فهو أَمْرٌ لا تُدرِكه عُقولنا الآنَ!.

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَوُضِعَ الْكِتَابُ} كِتاب الأعمال للحِساب] (وُضِع)

<<  <   >  >>