للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: وُضِع بين أَيْدي الناس، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} [الإسراء: ١٣]، هذا الكِتابُ كُتِب فيه أعمال العِباد، مَن عمِل مِن خَير أو شَرٍّ، إلَّا ما انمَحَى بالمَغفِرة أو بالتَّوْبة فإنه لا يُوجَد في الكِتاب، فالصغائِر مثَلًا تُكتَب، فإذا صلَّى الإنسان فإن الصلواتِ الخَمسَ يَمحو الله تعالى بهن الخَطايا، وربما يَتوب الإنسان من سَيِّئات كُتِبَت عليه، فلا يُوجَد في الكِتاب إلَّا ما واجَه الإنسان به ربَّه، وكان خُتِم عليه في حياته.

وقوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ}: (أل) هنا الظاهِر أنها للعُموم لا للجِنْس، يَعنِي: وُضِع كلُّ كِتاب فأَخَذه صاحبه، وهذا الكِتابُ الذي تُكتَب فيه الأعمال يُقال لصاحِبه: {اقْرَأْ كِتَابَكَ} أنتَ بنَفْسك {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: ١٤].

وإذا قرَأَه فلا يُمكِن أن يُنكِر ما فيه، فلا بُدَّ أن يُقِرَّ، إلَّا المُشرِكين، فإنهم يُنكِرون ويَقولون: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣]؛ لأنهم إذا رأَوْا أن المُوحِّدين المُخلِصين نَجَوْا من العذاب سَوَّلت لهم أنفسهم أن يُنكِروا الشِّرْك لعلهم يَنجون من العذاب، ولكن هذا لا يَنفَعهم، فإذا قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} شهِدَ عليهم سَمْعهم وأبصارهم وجُلودهم بما كانوا يَعمَلون، وحينئذ يَوَدُّ الذين كفَروا لو تُسوَّى بهم الأرضُ ولا يَكتُمون الله حَديثًا.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَوُضِعَ الْكِتَابُ} كِتاب الأعمال للحِساب]، وكيفية تَوزيع الكِتاب أنه يُوزَّع على وَجْهين:

الوجهُ الأوَّلُ: أن يُعطَى باليَمين.

والثاني: أن يُعطَى بالشِّمال.

<<  <   >  >>