للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمُؤمِن يُعطَى باليَمين، ويَقول للناس: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}، انظُروا اقرؤُوا، يَقول هذا ابتِهاجًا بنِعْمة الله تعالى، وتَحدُّثًا بنِعمة الله تعالى كما لو أُعطِيَ الواحدُ نَتيجتَه وإذا فيها التَّقدير مُمتاز، مِئة بالمِئة، فإنه يُريها لكل واحد من الطُّلاب، وإذا كان كلُّ رقَم عليه دائِرة حَمراءُ فإنه يُمزِّقه، لكن في القِيامة لا يُمكِنة أن يُمزِّقه، أمَّا في الدنيا يُمكِنه أن يُمزِّقه أو يُخفيه.

على كل حال: هذا أمرٌ جِبِلِّي طبيعيٌّ: أن الإنسان يَفخَر بنِعْمة الله عَزَّ وَجَلَّ ويُريها للناس فيَقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ١٩, ٢٠]، الظنُّ هنا بمَعنَى اليَقين، يَعنِي: أَيقَنْت أني مُلاقٍ حِسابِي، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيُحاسِبني.

أمَّا مَن أُوتِيَ كِتابه بشِماله - والعِياذ بالله - فيَقول: {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٥, ٢٦]، كما يَقول القائِل للزائِر الثَّقيل: لَيْتَه لم يَأتِ، لَيْتَني لم أَرَ وجهه. فالكِتاب الذي يَكون بالشِّمال - والعِياذ بالله - يَعرِف صاحِبه ما فيه فيَقول: {يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ}

مَسأَلةٌ: في القرآن الكريم ذَكَر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن مَن لم يُؤْتَ كِتابه بيمينه يَأخُذه بشِماله، وفئة أُخرى من وراء ظَهْره، فهل هُما صِفتان أو صِفة واحِدة؟

الجَوابُ: قال بعضُ العُلماءِ رَحِمَهُم اللهُ: إنهما صِفتان.

وقال بعضُ العُلَماءِ رَحِمَهُم اللهُ: إنهما صِفة واحِدة، يَعنِي: أنه يُعطَى الكِتاب بالشِّمال من وراءِ الظَّهْر، ليس هو من الأمام يُعطَى إيَّاه من وجهه، بل من وراء ظَهْره، فيَكون في هذا تَنبيهٌ له وتَذكير له بما فعَل بكِتاب الله تعالى في الدنيا.

فوَضَع يَساره وراءَ ظَهْره؛ تَذكيرًا له بحاله في الدنيا، أنه نبَذ كِتاب الله تعالى وراءَ

<<  <   >  >>