ليس مَخلوقًا، بل هو لم يَزَل ولا يَزال بصِفاته، فكلامه غير مَخلوق ومنه القُرآن.
وعلى كل حال: فيَكون الربُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وصِفاته ليس داخِلًا في هذا العُمومِ بالضرورة؛ لأنَّ الخالِق غير المَخلوق.
وأمَّا قول الذين استَدَلُّوا بهذه الآيةِ على خَلْق القُرآن: أنَّ هذا عامٌّ؛ فنَقول: إن العامَّ قد يُراد به الخُصوص، هذا إذا صحَّ أن الذِّهْن يَنتَقِل من هذا العُمومِ إلى كل شيء، ونَقول: إن كلِمة (كل شيء) تَأتي ولا يُراد بها العُموم، مثل قوله تعالى:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}[الأحقاف: ٢٥]، ومَعلومٌ أنها لم تُدمِّر السمَواتِ ولا الأرضَ، بل ولا مَساكِنَ القوم، كما قال تعالى:{فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥].
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: عِناية الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما خلَقَ؛ لأنه لمَّا ذكَرَ أنه خلَق كل شيء بيَّن أنه على كل شيء وَكيل، وهذا يَدُلُّ على عِناية الله بخَلْقه تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن ما يُصيب الناس من البلاء والفِتَن فإنه مِن الله تعالى ومن مُقتَضى وَكالته؛ لعُموم قوله تعالى:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}.
ومَعلومٌ أن الإنسان إذا آمَن هذا الإيمانَ فإنه سيَسهُل عليه كلُّ ما صعُب، وإذا آمَن أيضًا أنه بالصبر والاحتِساب تَنقَلِب هذه المَصائِبُ نِعَمًا هانَت عليه أيضًا؛ ولهذا لا نَجِد أحدًا أَعظَمَ راحةً ممَّن آمَن بالقدَر خيرِه وشَرِّه، فإنك تَجِد الإنسان وإن تَقلَّبَت به الأحوال تَجِده راضيًا مُطمَئِنًّا؛ إن أَصابَتْه الضرَّاءُ صبَر فكان خيرًا له، وإن أَصابَتْه السرَّاءُ شكَرَ فكان خيرًا له.