قوله تعالى:{مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} هل المُراد بالألوان: الأَشْكال أو الأَلْوان التَّلوينُ أو يَشمَلهما؟
الظاهِر أنه يَشمَل هذا وهذا، فأَلوانه يَعنِي أصنافه، ويَعنِي أيضًا اللون، فهذا الزَّرعُ الذي يَخرُج من الأرض بالمطَر تُشاهِدونه يَختَلِف في ألوانه، ويَختَلِف في أَشكاله، واخرُجوا إن شِئْتم إلى أدنى شارع ستَجِدون الاختِلاف العجيب، تَجِدون شجَرتين إلى جَنْب، ومع ذلك تَجِد هذه أوراقها مخُتَلِفة عن هذه، وتَجِد لونها مخُتلفًا عن هذه، وتَجِد الزهرات التي فيها أيضًا تَختَلِف، وتَجِد الثمَر الذي يَخرُج منها يَختَلِف مع أن الماء واحد والأرض واحِدة.
قوله تعالى:{ثُمَّ يَهِيجُ} يَعنِي: [يَيْبَس]{فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} أي: أن هذا النباتَ الذي خرَج يَسُرُّ الناظِرين، مخُتَلِف الألوان أَصابه رِيح أو حَرٌّ شديد أو مع طول الزمَن يَيْبَس {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} بعد أن كان أَخضَرَ {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} فُتاتًا مُتحطِّمًا؛ لأنه إذا يَبِس تَكسَّر، ثُم تَحطَّم.
وقوله: [{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} تَذكيرًا] {لِأُولِي الْأَلْبَابِ} يَعنِي: العُقول الذي [يَتَذكَّرون به لدَلالته على وَحْدانية الله تعالى وقُدْرته].
قوله تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ} المُشار إليه كل ما سبَق من إنزال المَطَر من السماء، وإدخاله يَنابيعَ في الأرض، وإخراج الزَّرع به، وعود الزرع إلى الاصفِرار والتَّحطُّم، فهذه عِدَّة أشياءَ تُذكِّر الإنسان: إنزاله من السماء وإدخاله في الأرض، وإخراج الزَّرْع به واختِلاف الألوان، وهذا كلُّه آية وذِكرى يَتذكَّر به أُولو الأَلباب على قُدْرة الله عَزَّ وَجَلَّ، وعلى رحمته، وعلى حِكْمته.