هدى الله الذين آمنوا لِمَا اخْتَلَفوا فيه من الحَقِّ بإذنه، وقالوا: إنَّ الله تعالى نَفْسَه فوقَ كلِّ شيء؛ كما دل على ذلك الكتابُ والسُّنَّة والإجماع والعقْل والفطرة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الكتاب حقٌّ مِن عند الله، لم يتقَوَّلْه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ربِّه، بل هو من عند الله؛ لقوله:{أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} يعني: أنَّه حَقٌّ مِن عند الله عَزَّ وَجَلَّ.
وقد قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: ٤٤ - ٤٦]؛ فقال:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} بعد أن قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} [الحاقة: ٤٠ - ٤٤] لئلَّا يتوهَّم واهِمٌ أنه لما قال: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} صار القرآن من عند الرَّسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأنه هو الذي قاله؛ فقال: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: ٤٥ - ٤٧].
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن جميع ما في القرآن حَقٌّ؛ على الوجه الثاني؛ أخبارُه وقَصَصه وأوامره ونواهيه؛ إِذَنْ: أخبارُهُ ليس فيها كَذِب لوَجْهٍ من الوجوه، وقَصَصُه ليس المراد منها: إمضاءَ الوقتِ وإتلاف الوقت، بل هي قَصَص نافعة.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ القرآن حجَّةٌ على النَّاس، يُلْزِمهم بعبادة الله؛ لقوله:{فَاعْبُدِ} والفاء هذه للتَّفْريع؛ أي: لأجل إنزال الكتاب إليك: اعْبُدِ الله.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن من لم يَبْلُغْه القرآنُ لم تَلْزَمْه العبادة؛ ويدلُّ لهذا آيات أخرى؛ مثل قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥] ومثل قوله: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥] ومثل قوله