قُلْنا: بلى فيه، ولكِنَّ هذه الأَلفاظَ التي أَصلُها غير عرَبيٍّ لمَّا نطَق بها العرَب عرَّبوها وصارت عربية؛ ولهذا لا تَخلو هذه الكلِماتُ المُعرَّبة من تَغييرٍ بعض الشيء، فلا بُدَّ أن يَكون فيها شيء من التَّغيير في الغالِب، فإذا نطَق بها العرَب واستَخدَموها وسادت في أَلسِنَتهم صارت مُستَعرَبة. إذا فهي كلِمات مُستَعرَبة من قومٍ مُستَعرِبين أيضًا؛ لأن أصل العرَب مُستَعرِبين؛ لأنهم ليسوا عربًا في الأصل، فإسماعيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هو ابنُ إبراهيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وليس لُغتُه العَربيةَ، لكن لمَّا جاء عرَب جُرْهم إلى أُمِّ إسماعيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ونزَلوا عندها صار عربيًّا، واستَمَرَّتِ العُروبة إلى يومنا هذا. ودليل هذا أيهما أَفضَلُ، رسالةُ محُمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وأُمَّته أو الرِّسالات الأُخرى وأُمَّتهم؟
الجَوابُ: رِسالة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِذَن: ليس هناك شَكٌّ؛ ولهذا ورَدَ في حديث، لكِنْ فيه نظَر: أن اللغة العربية لُغة أهل الجَنَّة.
وكون الله تعالى اختار هذه الرِّسالةَ العظيمة في اللغة العربية يَكفِي؛ لقوله تعالى:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤]، فصار هذا المكانُ صالِحًا لهذه الرِّسالةِ العَظيمة؛ لأنه عظيم؛ ومَعلوم أن البيان لو جاء بغير اللغة العربية ما أَبانَ، لكن كونه اختار أن يَكون في هؤلاءِ العرَبِ، وبِلُغتهم فهذا دليل على فَضْلهم.
فإذا قال قائِل: إن الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خاصٌّ بالعرَب؟
قُلْنا: نعَمْ، هو بُعِث في الأُمِّيِّين، لكن لجميع الناس كما لو أن أحَدًا صار في الشرق أو في الغرب وهو أميرٌ على جميع المَنطِقة على جميع القارَّة التي هو فيها، فهذا مُحمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بُعِث في هؤلاء القومِ، لكن إلى جميع الناس، ومَعلوم أنه لا بُدَّ أن يُبعَث في قوم، فافْرِضْ أنه بُعِث في العجَم وهو رسول إلى الناس فهو نفس الشيء.