للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلو تصدَّق الإنسان بمالٍ لكنَّه مُرَاءٍ بذلك من أجل أن يُمدَح فإنه لم يَعْبُدِ الله، وهو آثِمٌ وليس بمأجورٍ، ولو صلَّى ليُمْدَحَ فإنه لم يَعْبُدِ الله، وهو آثِمٌ وليس بمأجور؛ لأنَّ الله أمر بعبادة خاصَّة، وهي الإخلاصُ {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: ٢].

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ العبادة دينٌ يدين به الإنسانُ، ومعنى كَوْنِه دينًا أنه يعْمَلُ ليُثابَ.

ويتفرَّع على هذه الفائِدَة: أنَّه ينبغي للإنسانِ حين العبادَةِ أن يلاحِظَ هذا المعنى، وهو أنه يَعْمَل ليُثابَ؛ لأنه إذا شعر بهذا الشعور فسوف يُتْقِنُ العَمَل؛ إذ إنَّ العقل يهدي الإنسان إلى أنَّ الثَّواب على قَدْرِ العمل، إن أحْسَنْتَ العمل حَسُنَ الثَّواب، وإن قصَّرْتَ فالثَّواب يَنْقُصُ، وهذه المسألة - أعني شعور كَوْن الإنسان يعمل من أجل الثَّوابِ - أعتقد أنَّها تَفُوتُ كثيرًا من النَّاس لا يَنْتَبِهون لها.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: الإشارة إلى نِيَّة المعمولِ، فحينما تَعْمَل تريد التَّقَرُّبَ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بامتثال أمره، فمثلًا: عندما تريد أن تتوضَّأ تنوي بأنك تتوضَّأ امتثالًا لأمر الله حينما قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] من أجل أن تَشْعُرَ بالعبادة ولذَّة العبادة، لا لأجل أن تُبْرِئَ ذِمَّتك بِفِعْلِ ما هو فَرْضٌ عليك من الطَّهارة للصَّلاة، هذا لا شكَّ نيَّة طيِّبة، لكِنْ أَطْيَبُ منها أن تستَشْعِرَ بأَنَّكَ تَمْتَثِل أمرَ الله لتَشْعُرَ بلذَّة العبادَةِ، وأنَّك حقيقَةً عبدٌ لربِّك عَزَّ وَجَلَّ.

هذه مسائل ينبغي للإنسان أن يَنْتَبِه لها في عبادَتِه؛ ولهذا قال تعالى: {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}

<<  <   >  >>