للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الثَّناء على مَن صدَّق بمَن قامَتِ البيِّنة على صِدْقه فصدَّق بالصِّدْق، وأمَّا مَن لم يُصدِّق بما يَشُكُّ فيه فلا حرَجَ عليه، والأخبار التي تَرِد على المرء تَنقَسِم إلى ثلاثة أقسام:

الأوَّل: ما دلَّ الدليل على صِدْقه فيُصدَّق.

الثاني: ما دلَّ الدليل على كذِبه إمَّا لكون ناقِله معروفًا بالكذِب، وإمَّا لكونه مُستَحيل الوقوع، أو ما أَشبَه ذلك، فهذا يُكذَّب، ولا حرَجَ على مَن كذَّبه.

الثالِث: ما يَحتَمِل الصِّدْق ويَحتَمِل الكذِب، فهذا يُتَوقَّف فيه، ولا يُرَدُّ؛ لعدَم القيام على رَدِّه ولا يُقبَل لعدَم قيام الدَّليل على قَبوله.

ودليلُ هذا القِسمِ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: ٦].

ولهذا في الآيات التي قبلَ هذه قال تعالى: {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} وهنا قال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} فذَمَّ الأوَّلَيْن وأَثنَى على الآخَرَيْن.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الصِّدْق من التَّقوَى، وتَصديق مَن قامت البَيِّنة على صِدْقه هو أيضًا من التَّقوى؛ لقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابعَةُ: ومن فوائِدها الأُصولية: أن المَوْصول من صِيَغ العُموم؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.

<<  <   >  >>