الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الثَّناء على مَن صدَّق بمَن قامَتِ البيِّنة على صِدْقه فصدَّق بالصِّدْق، وأمَّا مَن لم يُصدِّق بما يَشُكُّ فيه فلا حرَجَ عليه، والأخبار التي تَرِد على المرء تَنقَسِم إلى ثلاثة أقسام:
الأوَّل: ما دلَّ الدليل على صِدْقه فيُصدَّق.
الثاني: ما دلَّ الدليل على كذِبه إمَّا لكون ناقِله معروفًا بالكذِب، وإمَّا لكونه مُستَحيل الوقوع، أو ما أَشبَه ذلك، فهذا يُكذَّب، ولا حرَجَ على مَن كذَّبه.
الثالِث: ما يَحتَمِل الصِّدْق ويَحتَمِل الكذِب، فهذا يُتَوقَّف فيه، ولا يُرَدُّ؛ لعدَم القيام على رَدِّه ولا يُقبَل لعدَم قيام الدَّليل على قَبوله.
ولهذا في الآيات التي قبلَ هذه قال تعالى:{وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} وهنا قال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} فذَمَّ الأوَّلَيْن وأَثنَى على الآخَرَيْن.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الصِّدْق من التَّقوَى، وتَصديق مَن قامت البَيِّنة على صِدْقه هو أيضًا من التَّقوى؛ لقوله تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابعَةُ: ومن فوائِدها الأُصولية: أن المَوْصول من صِيَغ العُموم؛ لقوله تعالى:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.