وقال تعالى:{لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} وذلك بأن يُنعِم عليهم بالعَفْو عنه، والغالِب أن التَّكفير يَأتِي مُكفِّرًا بأعمال مُقابِلة؛ فالسَّيِّئات تُكفَّر بالحسَنات، وانظُرْ إلى الظِّهار، فإذا ظاهَر الإنسان كفَّر بما ذكَر الله عَزَّ وَجَلَّ، يَعنِي: أَتَى بحسَنات تُغطِّي ما فعَل من الذُّنوب، واليَمين إذا حنِثَ كفَّر، فالغالِب أن التَّكفير يَكون في مُقابَلة حسَناتٍ تُغطِّي السَّيِّئاتِ، ويَجوز أن يَكون التَّكفير مُجرَّد فَضْلٍ من الله عَزَّ وَجَلَّ يَستُر الله تعالى على عبده الذَّنْب تَفضُّلًا منه.
وقوله تعالى:{أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا}: {أَسْوَأَ} اسمُ تَفضيل، وهو على بابه، فإذا كان الله تعالى يُكفِّر عنهم أسوَأَ ما عمِلوا فما دونه من بابِ أَوْلى، ويَكون التعبير بالأَسوَأ من باب البِشارة لهم.
وقوله تعالى:{وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ} أي: ثوابهم على ما عمِلوا من الحسَنات {بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: بأَحسَن الجَزاء.
فقوله تعالى:{بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي: بأَحسَن جَزاء الذي كانوا يَعمَلون، وذلك أن الحسَنَة بعَشْر أَمثالها إلى سَبعِ مِئة ضِعْف إلى أضعافٍ كثيرة، و (أَحسَن) هنا على بابها؛ أي: أنها اسم تَفضيل، فلا يُجازيهم الحَسَنة بحَسَنة، بل بأَحسَن منها، فالحسَنة بعشَرة أمثالها إلى سَبْعِ مئة ضِعْف إلى أضعافٍ كثيرة.
وقوله تعالى:{بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} لا يَخفَى أن قوله: {كَانُوا يَعْمَلُونَ} صِلةٌ للمَوْصول {الَّذِي}، وصِلة المَوْصول تَحتاج إلى عائِد يَعود على المَوْصول؛ ليَربِط الصِّلة به، والعائِد هنا مَحذوف، والتَّقدير: يَعمَلونه.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [(أَسوَأ) و (أَحسَن) بمَعنَى السَّيِّئ والحَسَن]، لكنه قولٌ غير صَحيح؛ لأنه يُعتَبَر تحريفًا للقُرآن؛ لأن كلَّ واحِدٍ يَعرِف أن (أَسوَأَ) اسمُ تَفضيل،