للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} يقولون {مَا نَعْبُدُهُمْ} إلخ، الواو هنا للاستئناف، {وَالَّذِينَ} مبتدأٌ و {اتَّخَذُوا} صلة الموصول، وخبر المبتدأ محذوف تقديره: (يقولون ما نعبدهم) أو: (قالوا: ما نعبدهم).

وقوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}: اتَّخذوا بمعنى صيَّروا، كقوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥] يعني: صيَّره؛ وقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣]؛ أي: صيَّر إلَهَه هواه.

فإذا كانت {اتَّخَذَ} بمعنى صيَّر فإنَّها تحتاج إلى مفعولين: (مُصَيَّر ومُصَيَّر إليه) فالمفعول الأول؛ يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [الأَصْنام {أَوْلِيَاءَ}]؛ وعليه فيكون المفعول الأولُ محذوفًا، والثاني: {أَوْلِيَاءَ}، وحَذْفُ المفعول إذا دلَّ عليه الدَّليل جائزٌ.

قال ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ في باب المبتدأ والخبر:

وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا ... تَقُولُ زيدٌ بَعْدَ مَنْ عِنْدَكُمَا (١)

(حَذْفُ ما يُعْلَم جائِزٌ) الواقع أن هذا البيت في المبتدأ والخبر، لكن هو عامٌّ، فحَذْف ما يُعلَم جائِزٌ، وقد يكون من الفصاحَة والبلاغَة أن يُحْذَف، إنما الأصل أن ما يُعْلَم يجوز حَذْفُه، وما لا يُعْلَم لا يجوز حذفه، لأنَّ الكلام لا بد أن يكون مُبَيِّنًا لمراد المُتَكَلِّم، وهذا لا يكون مع حَذْفِ ما لا يُعْلَم.

إِذَنِ: المفعولُ الأول محذوف، والتقدير: الأصنام، والثاني موجود، وهو قوله: {أَوْلِيَاءَ}.

{أَوْلِيَاءَ} جَمْع ولِيٍّ؛ أي: يتولَّونَها ولاية عبادَةٍ يتضرَّعون إليها، يسجدون


(١) الألفية (ص ١٨).

<<  <   >  >>